اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : طنطاوي، محمد سيد الجزء : 1 صفحة : 406
قبله؟ قلت: كأنه قيل لهم عند سؤالهم عن الأهلة وعن الحكمة في نقصانها وتمامها: إن كل ما يفعله الله- تعالى- لا يكون إلا عن حكمة ومصلحة لعباده فدعوا السؤال عنه وانظروا في واحدة تفعلونها أنتم مما ليس من البر في شيء وأنتم تحسبونها برا. ويجوز أن يكون ذلك على طريق الاستطراد لما ذكر أنها مواقيت للحج، لأنه كان من أفعالهم في الحج. ويحتمل أن يكون هذا لتعكيسهم في سؤالهم وأن مثلهم كمثل من يترك باب البيت ويدخله من ظهره. والمعنى:
ليس البر وما ينبغي أن تكونوا عليه بأن تعكسوا في مسائلكم، ولكن البر بر من اتقى ذلك وتجنبه ولم يجسر على مثله ثم قال: وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها أى: باشروا الأمور من وجوهها التي يجب أن تباشر عليها ولا تعكسوا، والمراد وجوب توطين النفوس وربط القلوب على أن جميع أفعال الله حكمة وصواب» [1] .
وقوله- تعالى-: وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أمر بالتقوى التي تتضمن القيام بجميع الواجبات واجتناب البدع والمنكرات. أى: افعلوا ما أمركم الله به، واجتنبوا ما نهاكم عنه، لتكونوا من المفلحين، وهم الفائزون بالحياة المطمئنة في الدنيا والنعيم الخالد في الآخرة. وبذلك تكون الآية الكريمة قد رددت عقول الناس إلى النظر والتأمل في سنن الله وفي خلفه على النحو الذي ينشئ التقوى في النفوس، ويوجه إلى العمل الصالح الذي يرضى الله- تعالى-.
وبعد أن أمر- سبحانه- المؤمنين بطاعته وتقواه، وحضهم على الجهاد في سبيله إذ هو من أجل مظاهرها، وبصرهم بحكمته وآدابه فقال- تعالى-: